مقال ضياع القدوة
كتابه \ الزهراء بنت زهران بن زاهر العبرية
مدرسة عائشة بنت محمد العبرية ( 10 – 12 )
إن مما يحز في النفس، ويندى له الجبين، ويعتصر له القلب أذى أن نجد بين صفوف المسلمين جاهلا بسيرة صحابي بل وأقرب من ذلك حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعالما بسيرة فنان أو أي كان اسمه .
زمننا هذا يعاني من ضياع القدوة، وغياب التوجيه السليم مما يجعله يدور في دوّامة كل ما هب ودب وجاء وراح، هذه الهمهمات أيقظت بداخلي شيئا من الغيرة على اتباع بعضنا لأناس لا يجدر بهم أن يكونوا قدوة لنا نحن المسلمين، بل يجدر بنا أن نتبع من ولدوا من رحم التقوى، ومخافة الله.
موت المغني الذي جعل الفاسق يتمتع بلحنه، وتموت الراقصة التي جعلت ناظريها يسجدون لها إعجابا، ويموت الممثل الذي تصدر اسمه قائمة أكثر الفنانين شهرة في العالم والذي جعل الناس يتدافعون من أجل أخذ توقيعه، يموت هؤلاء الفجار فيوقف محبيهم دوران الأرض حزنا عليهم، وتتناقل الفضائيات مراسم دفنهم لحظة بلحظة، وتحفظ العقول بالحرف الواحد كل كلمة قالوها، ثم ينصب لهم تمثال تذكاري، وتصبح أقوالهم حديث الناس، وأدلة لكلامهم، ومصدر إلهام لهم.
وإذا قلت لذلك المعجب بهم: أهذا الذي يعجبك وهو لا يسمن ولا يغني من جوع؟ تأسد أمامك، وفرد عضلاته، وكشر عن أنيابه،لتبدأ جولة قد تخرج منها سليما معافى وصاحبك عاهدك ببدء صفحة جديدة فذلك فاتحة خير، أو أن يخرج منها صاحبك سليما معافى وأنت مسك بعض من الإعجاب لذلك الذي قلت بأنه لا يسمن ولا يغني من جوع فأنت متأثر، أو أن تخرجا منها كما دخلتها فهنيئا لك ثباتك وسلاما لمن قلبه من حجر.
ها هو العالم غير من نفسه فأدخل التكنولوجيا التي لم يكن لها وجود، وصار بها عصى يتكئ عليها ويهش بها الناس للدخول إلى زوبعته التي ما سلم منها إلا القلة القليلة، فيستيقظ في صباح أحد الأيام هذه التي نعيشها ويجلس على كرسيه الذي عفا عليه الزمن ويحتسي قهوته المرة، ويستطلع أخبار نفسه، فيجد بأن خلاياه التي تُكونه قد انتحرت لانتحار محبيها أو موتهم فيبعد عن نفسه أصابع الاتهام، ولا أستبعد بأن يقوم بكسرها، فهذه جريمة يعاقِب عليها، فكيف له بأن يكون سببا لموته، وهو الذي أدخل التكنولوجيا لنفسه؟!
وإني لأرفع قبعتي لذلك الشهم الذي ربى نفسه بكل قواه في هذا الزمن الغلاب، وجرح وجه الزمن وخرج أبيضا من غير سوء، ليأتي بجانبه أبيض آخر إلى أن يمتلأ وجه العالم الأسود بالبياض.
لنسأل أنفسنا جميعا لماذا نحن مهدوري الكرامة كأنما سوينا بالأرض؟، لماذا نحن لا نتبع من هم أولى بالاتباع والاقتداء؟، لماذا نحن لا نشمئز من أنفسنا التي تجعلنا نفعل ما يفعله أولئك الذين لا أجد لهم وصفا أصفه بهم؟، وإلى ما لا نهاية لماذا ؟!
يظن البعض بأنه من العبث أن أغرس فسيلة عند قيام الساعة ولكن هذا ما أنوي القيام به، سوف أستمر في غرس الفسائل أنا وأصحاب البصيرة وسنستمهل نهاية العالم دقائق أخرى، ففسيلتي هي ما أقوم بكتابة كهذه تماما، ولكل إنسان فسيلته في هذه الحياة.
لنقرع معا طبول البشرى بوجود حياة جديدة بعيدة عن كل هذه التفاهات السخيفة، والحياة المبكية، قريبة من الفوز بالجنة والنجاة من النار، لننضم معا لمعسكر الدفاع عن أمتنا وعلمائنا وديننا، ولا نكون ممن أعميت أبصارهم، وإنما أعميت قلوبهم التي في الصدور.
لنكن من أولي البصيرة رحمكم الله.
